اصدرت وزارة التربية الوطنية مذكرة في موضوع التقويم و
الامتحانات بالتعليم الابتدائي تحت رقم 204، بتاريخ: 29/12/2010. و منذ
صدورها و هي لا تزال تثير جدلا واسعا في أوساط المدرسين والمديرين
والمفتشين و كافة الفاعلين التربويين من جمعيات
و نقابات.
فما هي الأسباب التي جعلت من هذه المذكرة موضع خلاف من حيث وضوح فحواها
و مدى قابليتها للتنفيذ خلال السنة الدراسية الحالية؟
1. عدم وضوح محتواها بحيث اضطرت الأكاديميات الجهوية من خلال منسقيات
المفتشين و النيابات الإقليمية و المفتشين التربويين لتنظيم لقاءات
تواصلية مع المديرين و المدرسين لشرح فحواها وتوحيد الرؤى حولها، بينما
تقتضي صياغة المذكرات التنظيمية وضوحا تاما لا يقبل معه تعدد القراءات و
التأويلات، و دقة بالغة تكفل سرعة التنفيذ و الإنجاز (مع كثرة اللقاءات،
هناك من يتساءل هل هي مذكرة أم مشروع مذكرة؟).
2. عدم انسجام هذه المذكرة مع المقرر الوزيري المنظم للسنة الدراسية 2010/2011.
3. أشارت المذكرة لصيغ إخبار التلاميذ و آبائهم و أمهاتهم إشارة عابرة،
دون تكلف لعناء تحديد هذه الصيغ، بينما يستلزم الأمر ذلك، لأن المذكرة
جاءت بتقويم جديد يشمل الموارد و الكفايات معا و بنوع من التنقيط يختلف عن
الأنواع السابقة. سيتطلب هذا عقد لقاءات مع الآباء و الأمهات لإقناعهم
بهذا النوع الجديد من التقويم و التنقيط.
4. لم تقدم المذكرة الحجج التربوية لتبرير النجاح الآلي لكافة
المتعلمين بالمستويات الفردية (1،3،5)، كما أنها سكتت عن تحديد الإجراءات
البيداغوجية المتعلقة بحصص الدعم التي ينبغي أن تستفيد منها فئات التلاميذ
غير المصنفة أي غير الراسبين فعليا الناجحين آليا.
5. استعملت المذكرة "المعامل" تارة و "الوزن" تارة و "النسبة" تارة
ثالثة بمعان ملتبسة بعضها ببعض. و هذا من شأنه خلق صعوبات إضافية للراغب
في تفسيرها و نشرها و الإقناع بمضامينها.
6. إن تقارير المتتبعين لإرساء بيداغوجيا الإدماج بمؤسساتنا التعليمية
تعكس تعثرات واختلالات كبيرة لا سبيل إلى إنكارها، سواء من حيث الأدوات و
الوسائل المخصصة لها ككراسات التلاميذ و دلائل الأساتذة التي لم توزع
بالقدر الكافي على التلاميذ و المدرسين، أو من حيث تأخر بعض المناطق من
الاستفادة من التكوين في هذه البيداغوجيا أو من حيث ضعف تمرس المدرسين على
العمل بهذه البيداغوجيا بسبب المدة غير الكافية التي يقتضيها إرساؤها على
نحو يخلو من العيوب التي رصدتها تقارير المتتبعين.
بالرغم من كل هذا تم تنزيل هذه المذكرة لتستوجب العمل بتقويم جديد يفترض
فيه الانسجام و التكيف مع بيداغوجيا الإدماج دون مراعاة لظروف التكوين على
هذه البيداغوجيا و لا ظروف إرسائها بالمؤسسات التعليمية.
7. من بين الشروط التي حددتها هذه المذكرة للنجاح: التحكم في الكفاية
الشفهية، بيد أنها لم تتكلف عناء اقتراح سبل و طرق اختبار هذا النوع من
الكفايات الذي يكتسي خصوصيات ظاهرة.
8. إن دفاتر التلاميذ الخاصة بمسك نتائج المراقبة المعمول به حاليا لا
يمكنها أن تفي بما تقتضيه المذكرة 204 من حيث مسك النتائج و الفصل بين
الموارد و الكفايات
و تدوين المعدلات العامة. بينما تستوجب المذكرة نفسها أن يتم العمل بفحواها في السنة الجارية.
لهذا كله، ينبغي أن يؤجل العمل بهذه المذكرة إلى الموسم الدراسي المقبل،
بعد أن تعاد صياغتها بالقدر اللازم من الدقة و الوضوح، حتى تكفل لها سرعة
التنفيذ و جودة النتائج.
الجلالي عشي